سورة فاطر - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فاطر)


        


الذين كفروا لهم عذابٌ مُعَجَّلٌ وعذابٌ مُؤَجَّلٌ، فَمُعَجَّلُه تفرقةُ قلوبهم وانسداد بصائرهم ووقاحة هِمَّتِهم حتى أنهم يرضون بأن يكون الصنمُ معبودَهم. وأمَّا عذاب الآخرة فهو ما لا تخفى على مسلم- على الجملة- صعوبتُه.
وأَمَّا {وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} فلهم مغفرةٌ أي سَتْرٌ لذنوبهم اليومَ، ولولا ذلك لافتضحوا، ولولا ذلك لَهَلَكُوا.
{وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}: والأجرُ الكبيرُ اليومَ سهولةُ العبادةِ ودوامُ المعرفة، وما يناله في القلب من زوائد اليقين وخصائص الأحوال. وفي الآخرة: تحقيقُ السُّؤْلِ ونَيْلُ ما فوق المأمول.


معنى الآية: أفمن زين له سوءُ عمله فرآه حسناً كمن ليس كذلك؟ لا يستويان!
ومعنى {زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} أن الكافرَ يَتَوَهَّمُ أَنَّ عملَه حَسَنٌ، قال تعالى: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يَحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: 104].
ثم الراغبُ في الدنيا يجمع حلالَها وحرامَها، ويحوّش حُطَامها، ولا يفكر في زوالها، ولا في ارتحاله عنها قبل كمالها؛ فلقد زين له سوء عمله. وإن الذي يُؤَثِرُ على ربِّه شيئاً من المخلوقات لَهُوَ من جملتهم. والذي يتوهَّمُ أنه إذا وَجَدَ نجاتَه ودرجاتِه في الجنة- وأنَّ هذا يكفيه.. فقد زُيِّن له سوءُ عمله حيث يتغافل عن حلاوة المناجاة. والذي هو في صحبة حظوظه ولا يُؤْثِرُ حقوق اللهِ فلقد زين له سوء عمله فرآه حسناً.
{فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}: يعني إذا عَرَفْتَ حقَّ التقدير، وعَلِمْتَ أنهم سقطوا من عين الله، ودَعَوْتَهم جَهْراً، وَبذلَتْ لهم نُصْحاً، فاستجابتُهم ليست لك، فلا تَجْعَلْ على قلبك من ذلك مشقةً ولا عناءً.


أجرى سُنَّتَه بأنه يُظْهِرُ فَضْلَه في إحياء الأرض بالتدريج؛ فأولاً يرسل الرياح ثم يأتي بالسحاب، ثم يوجِّه ذلك السحاب إلى الموضع الذي له تخصيصاً كيف يشاء، ويُمْطِرُ هناك كيف يشاء. كذلك إذا أراد إحياءَ قلبِ عبدٍ بما يسقيه وينزل عليه من أَمطار عنايته، فيُرْسِلُ أولاً رياحَ الرجاء، ويزعج بها كوامنَ الإرادة، ثم ينشئ فيها سُحُبَ الاهتياج، ولوعةَ الانزعاج، ثم يجود بمطرٍ يُنْبِتُ في القلب أزهارَ البَسْطِ، وأَنوارَ الرَّوْح، فيطيب لصاحِبه العَيْشُ إلى أن تمَّ لطائفُ الأنْسِ.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8